تأثير السكر الصناعي على الأدوية و البدانة

في عصر يسيطر فيه القلق من السعرات الحرارية والوزن الزائد، يلجأ الكثير من الناس إلى استخدام السكر الصناعي كبديل عن السكر الطبيعي. ويُعتبر منتج “سبلندا” (Splenda)، الذي يحتوي على مادة السوكرالوز، أحد أكثر المحليات الصناعية شيوعًا في الأسواق العالمية، حيث يُسوَّق على أنه خالٍ من السعرات وآمن لمرضى السكري ولمن يسعون لإنقاص الوزن. لكن، هل هذه الادعاءات صحيحة؟ وهل يمكن للسكر الصناعي أن يؤثر فعلًا على الأدوية أو يؤدي إلى البدانة؟

ما هو السكر الصناعي “سبلندا”؟

“سبلندا” هو اسم تجاري لمُحلٍ صناعي يُعرف علميًا باسم السوكرالوز (Sucralose)، وهو مُركب يُستخلص من السكر الطبيعي عبر تعديل كيميائي. ما يميز السوكرالوز هو أنه أحلى من السكر العادي بنحو 600 مرة، ومع ذلك لا يحتوي على سعرات حرارية تُذكر، ما يجعله خيارًا مفضلًا لمن يتبعون حميات غذائية.

يُستخدم سبلندا في مجموعة واسعة من المنتجات، بما في ذلك:

• المشروبات الغازية “الدايت”
• اللبان الخالي من السكر
• الزبادي منخفض السعرات
• منتجات المخبوزات والصلصات

نتائج الدراسة: زيادة الوزن وتأثير على الأمعاء

في دراسة حديثة أُجريت على الفئران لمدة 12 أسبوعًا، تم إعطاء مجموعة منها كميات من سبلندا مماثلة لتلك التي يستهلكها الإنسان في حياته اليومية. وكانت النتائج مثيرة للجدل: فقد أظهرت الفئران التي تناولت سبلندا زيادة ملحوظة في الوزن مقارنة بالفئران التي لم تتناول هذا المُحلي.

ولم تقتصر النتائج على زيادة الوزن فقط، بل لاحظ الباحثون أيضًا:

• انخفاض كبير في البكتيريا النافعة في الجهاز الهضمي.
• تراجع في قدرة الجسم على امتصاص الأدوية، وهو ما قد يؤثر على فعالية العلاجات الدوائية.

هذه النتائج تفتح الباب أمام تساؤلات مهمة حول مدى أمان هذا النوع من المحليات، خصوصًا لأولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة ويتناولون أدوية بانتظام.

ما علاقة السكر الصناعي بالبدانة؟

من التناقضات التي كشفت عنها الأبحاث الحديثة أن استخدام السكر الصناعي، الذي من المفترض أن يساعد في إنقاص الوزن، قد يؤدي في الواقع إلى نتيجة عكسية، وهي زيادة الوزن. يُعتقد أن هذا الأمر يعود إلى:

• تأثير السكر الصناعي على البكتيريا المعوية، التي تلعب دورًا كبيرًا في عملية الأيض وحرق الدهون.
• إرباك الدماغ، حيث إن الطعم الحلو دون طاقة (سعرات) قد يؤدي إلى زيادة الشهية لاحقًا.
• اعتماد الجسم على مصادر أخرى للطاقة وتعويض الحرمان بسلوكيات غذائية مفرطة.

السكر الصناعي وتأثيره على فعالية الأدوية

من الاكتشافات المهمة في الدراسة المشار إليها أن تناول سبلندا قد يقلل من قدرة الجسم على امتصاص بعض الأدوية، مما قد يؤثر سلبًا على فعاليتها العلاجية. ويعود هذا التأثير إلى:

• تلف البكتيريا النافعة التي تساعد على هضم الأدوية.
• تغير في طبيعة الجدار المعوي ما يحد من نفاذية المواد الفعالة.
• تداخل محتمل مع الكبد أو الكلى في مرحلة التخلص من الدواء.

ويُعد هذا التحذير شديد الأهمية، خصوصًا لمن يتناولون أدوية حيوية بانتظام مثل:

• أدوية الضغط والسكري
• أدوية المناعة
• مضادات الاكتئاب
• أدوية القلب والمضادات الحيوية

ردود الأفعال على الدراسة

بعد نشر نتائج هذه الدراسة، رفضت شركة “ماكنيل نيوتريشينال” – المسوقة لمنتج سبلندا – هذه المزاعم، وأشارت إلى أن الدراسة لم تُجرَ على البشر، بل على فئران، وبالتالي لا يمكن تعميم نتائجها. وأضافت أن:

“سكر سبلندا آمن لكل الناس، وقد خضع لتقييم صحي صارم من قبل جميع الوكالات التنظيمية الكبرى في العالم.”

كما أشارت الشركة إلى أن الدراسة قد تكون ممولة جزئيًا من جهات لها مصلحة تجارية منافسة، في إشارة إلى جمعية السكر الأمريكية.

رأي القضاء في الدراسة

وفي تطور لافت، رفض القاضي المسؤول عن النظر في الشكاوى المتعلقة بهذه القضية اعتماد الدراسة كدليل علمي، مشيرًا إلى أنها أجريت على الحيوانات وليس على البشر، مما يُضعف من حجيتها القانونية والعلمية.

رأي العلماء وخبراء التغذية

رغم التباين في الآراء، يُجمع معظم الخبراء على ضرورة الاعتدال عند استخدام المحليات الصناعية، خصوصًا لدى:

• مرضى السكري المزمن
• النساء الحوامل
• الأطفال
• الأشخاص الذين يتناولون أدوية يومية

ويُفضل دائمًا الرجوع للطبيب أو أخصائي التغذية قبل اعتماد أي مُحلي صناعي كبديل دائم عن السكر.

هل توجد بدائل طبيعية آمنة؟

بالطبع. هناك العديد من البدائل الطبيعية التي يمكن أن تكون أكثر أمانًا وفعالية:

• ستيفيا: مستخرج من نبات طبيعي، آمن، ولا يسبب ارتفاع السكر.
• سكر التمر: يحتوي على معادن وألياف غذائية.
• العسل: طبيعي ومضاد للبكتيريا، بشرط استخدامه باعتدال.

التوصيات

• تجنب الاستخدام المفرط للمحليات الصناعية.
• قراءة الملصقات الغذائية بعناية.
• استشارة الطبيب في حال تناول أدوية يومية.
• الاعتماد على نمط غذائي متوازن مع تناول السكر الطبيعي بحدود.

في النهاية، يُعتبر استخدام المحليات الصناعية موضوعًا معقدًا ومثيرًا للجدل، ويتطلب من المستهلكين وعيًا صحيًا عاليًا. ورغم أن منتجات مثل “سبلندا” تُعد آمنة بحسب الجهات التنظيمية، إلا أن الدراسات الجديدة تُلقي بظلال من الشك على تأثيرها على البكتيريا المعوية وامتصاص الأدوية، ما يستدعي المزيد من البحث والتحقيق.

الاعتدال هو المفتاح، والرجوع للمصادر الطبية هو الطريق نحو صحة أفضل. لا تقع في فخ “خالي من السعرات” دون أن تفهم تأثيره الكامل على جسمك.